International Network of Algerian Scientists

Email Us: info@inas-dz.org

أهمية التوجيه الأكاديمي وفعالية برامج الأبواب المفتوحة على الجامعة

أهمية التوجيه الأكاديمي وفعالية برامج الأبواب المفتوحة على الجامعة

بقلم الأستاذة: أسماء رضوان صالح

أستاذة بجامعة المسيلة والمنسق الوطني لبرامج International Masterclass hands on particle physics

عند توجيه الطلبة بشكل مناسب وتوفير المعلومات الكافية، يمكن التقليل من هذه الصعوبات وتحسين القدرة على اتخاذ القرارالصحيح

تحديات اختيار التخصص الأكاديمي للطلبة الجدد:

       مع بداية كل عام جامعي، يلتحق آلاف الطلبة الجدد بالجامعة بعد حصولهم على شهادة البكالوريا حديثاً، وهي الشهادة التي تسمح لهم بالولوج إلى عالم أرحب من العلم والمعرفة و تفتح لهم آفاقا جديدة، ومع ذلك، فإن هذه الشهادة وحدها لا تكفي لتحديد التخصص الذي يرغب فيه الطالب، إذ  يعد معدل القبول العامل الحاسم في تحديد الاختيار النهائي. في العديد من الحالات، يكون سوق العمل، ومن ثم قانون العرض والطلب على بعض التخصصات، هو المتحكم الأساسي في تحديد معدلات القبول. وبينما قد تبدو عملية الاختيار بسيطة، يواجه العديد من الطلبة صعوبة في اختيار التخصص الأكاديمي  الذي يودون دراسته، إذ ليس لديهم معرفة كافية بالتخصصات المتاحة في الجامعة، تنتج هذه الصعوبة عن عدة أسباب من أهمها:

  1. نقص المعلومات المتاحة عن التخصصات المتوفرة، وفي بعض الأحيان يعتمد الطلبة على تصورات غير دقيقة أو معلومات مغلوطة، مما يجعلهم غير واثقين من اختياراتهم.
  2. غياب التوجيه الأكاديمي المناسب في مرحلة الثانوية الذي يمكن أن يساعد الطلبة الجدد على تحديد التخصصات التي تتماشى مع مهاراتهم واهتماماتهم.
  3. عدم وضوح المسارات المهنية لبعض التخصصات ، هذا الغموض يجعل من الصعب عليهم اتخاذ قرار مبني على مصلحة مهنية طويلة المدى، او في بعض الحالات يختار الطلبة أقصر مسار يؤدي إلى تحقيق وظيفة تدر دخلا قارا على حساب ميولاتهم وطموحاتهم العلمية .

تحسين الاختيارات الأكاديمية من خلال الفعاليات التفاعلية
عند توجيه الطلبة بشكل مناسب وتوفير المعلومات الكافية، يمكن التقليل من هذه الصعوبات وتحسين القدرة على اتخاذ القرارالصحيح، وهنا يتعين على الطلبة أخذ الوقت الكافي للبحث والتقصي حول التخصصات والفرص المتاحة قبل اتخاذ القرار والاستفادة من التوجيه عن  طريق التحدث إلى مرشدين أكاديميين أو طلبة جامعيين متمدرسين أو سابقين  ما قد يساعد في توضيح الخيارات.

وهنا تبرز الحاجة المُلِحة إلى برامج تهدف إلى نشر الثقافة العلمية لسد هذه الثغرة، حيث تعتبر هذه البرامج ضرورية لتبسيط العلوم ونشر المعرفة، كما تلعب دوراً توعوياً وإرشادياً بارزاً من خلال تسليط الضوء على مجالات العلوم المتنوعة، والتعريف بأحدث الاكتشافات والأبحاث العلمية لفئات المجتمع المختلفة. يمكن تنظيم هذه البرامج على شكل فعاليات الأيام المفتوحة على الجامعة، والتي تهدف إلى تعريف الطلبة، وخاصة المقبلين على التعليم العالي مثل طلبة الثانوية، بالبرامج الأكاديمية المتاحة والتخصصات المختلفة، مما يتيح لهم فرصة التعرف على شروط القبول، طبيعة الدراسة الجامعية، وآفاق كل تخصص.

في الجزائر تنظم هذه الفعاليات في الجامعات بعد الإعلان عن نتائج البكالوريا ، حيث تقدم معلومات شاملة عن الكليات، التخصصات، والشهادات التي تقدمها الجامعة، ويتم إرشاد الطلبة حول اختياراتهم الأكاديمية المستقبلية وفقًا لاهتماماتهم ومستوياتهم، غير أن هذه العملية تنفذ في الغالب من خلال تعليق ملصقات يتعين على الطلبة وأوليائهم قراءتها جميعا وتتم خلال فترة قصيرة تزامنا مع التسجيلات الجامعية، مما يفرض ضغطاً نفسياً كبيراً على الطالب، في ظل غياب التفاعل المباشر مع الأساتذة و الطلبة المتمدرسين  الذين غادروا الجامعة في عطلة صيفية طويلة .

الطريقة المثلى لتنظيم فعاليات الأبواب المفتوحة هي من خلال إقامة زيارات ميدانية إلى مختلف الكليات، حيث يتمكن الطلبة من حضور ورشات تفاعلية وأنشطة علمية متخصصة تُقام في قاعات التدريس والمخابر الجامعية. يشارك في هذه الفعاليات كل من طلبة الثانوي المقبلين على الالتحاق بالجامعة وطلبة الجذع المشترك الذين يستعدون لاختيار تخصصاتهم. توفر هذه الفعاليات للطلبة فرصة للتفاعل المباشر مع الأساتذة والطلبة المتمدرسين، مما يساعدهم على فهم أفضل للتخصصات المتاحة ومتطلبات الدراسة، ويتيح لهم الحصول على معلومات دقيقة وملموسة تساهم في اتخاذ قرارات مدروسة مبنية على حقائق واضحة. كما تسلط الضوء على المسارات المهنية التي يفتحها كل تخصص، وتساعد في تبديد المخاوف والشكوك المتعلقة بصعوبة بعض التخصصات أو متطلبات القبول. من خلال هذه التجربة الواقعية للحياة الجامعية، يتمكن الطلبة من تقييم مدى ملاءمة التخصصات لطموحاتهم واهتماماتهم، مما يجعل هذه الفعاليات فعّالة في التأثير على اختياراتهم الأكاديمية وتشجيعهم على التفاعل والاندماج بشكل أكبر في مسارهم الدراسي المستقبلي.

تجربة تفاعلية ناجحة لفعاليات الأبواب المفتوحة على الجامعة

كتجربة ناجحة في الجزائر  تشارك جامعة المسيلة  في برنامج التميز العالمي في الفيزياء دون النووية  خلال أشهر الربيع من كل عام، وهو برنامج  تعليمي تفاعلي رائد على شكل أبواب مفتوحة على الجامعة، يتم في اطار الدورات التدريبية الدولية التي يقدمها  CERN  وهي هيئة بحثية عالمية في جنيف تهتم بفيزياء الطاقات العالية.

يتيح هذا البرنامج الذي يستغرق يوما كاملا الفرصة لمجموعة من طلبة الثانوي  أو الجذع المشترك بالجامعة ، الإطلاع على دراسة الفيزياء في الجامعة وزيارة المختبرات الفيزيائية وكذا المشاركة في إحدى الورشات العلمية، ومن أهم  هذه الورشات : ورشة الجسيمات الأساسية وتحليل البيانات،  ورشة المعالجة بالإشعاع، ورشة رصد الأشعة الكونية ، وتكون المشاركة النموذجية في برنامج التميز العالمي في الفيزياء دون النوويةInternational Master Classe,  Hands on Particle Physics على النحو التالي :

1-التدريب في مجال البحث العلمي : حيث يمنح  الطلبة فرصة للتعرف على عملية البحث العلمي في الجامعة وذلك بزيارة ميدانية  لبعض  المختبرات البيداغوجية و البحثية أين  يتمكن الطلبة من الانخراط في عملية البحث العلمي عبر عرض بعض التجارب وفهم كيفية تطبيق المفاهيم الفيزيائية الأساسية في حل المسائل العلمية والعملية  والمساهمة النوعية في تحسين بعض المنتجات الصناعية مثل المواد البيوتكنولوجية وأنصاف النواقل وكذا شرح كيفية عمل بعض الأجهزة المخبرية مثل جهاز الكشف بالأشعة السينية…  ويتم  تأطير الطلبة في هذا الجانب من الورشة مجموعة من أساتذة قسم الفيزياء وبعض طلبة الدكتوراه.

2-ورشة علمية تفاعلية ويمكن ان تكون احدى الورشات السالفة الذكر: في الجانب النظري من الورشة   يطلع الطلبة  المشاركين على آخر التطورات في الأبحاث العلمية في مجال فيزياء الطاقة العالية والجسيمات الأساسية ، مع شرح مفصل حول كيفية  استخدام أدوات المحاكاة والبرامج المتخصصة في تحليل بيانات  تجارب حقيقية لمصادمات الجسيمات التي تجريها مؤسسات علمية عالمية مثل CERN وFermilab ، أو تجمعها مراكز رصد فلكية دولية مثل مرصد Pierre Auger ، في الجانب التطبيقي من الورشة يحظى الطلبة بفرصة الدخول الى قاعدة البيانات الخام والقيام بالمحاكاة، ومن ثم تحليل البيانات استنادا الى المفاهيم الفيزيائية  وتعلم كيفية التعامل مع مختلف الاشكالات الطارئة اثناء المحاكاة،  ثم تجميع النتائج واستخلاص الاستنتاجات بالتعاون مع  جامعات  أخرى  مشاركة من مختلف أنحاء العالم ، مشاركوها هم أيضاً من طلبة الجامعة وطلبة الثانوية ، ويتم  تحضير الطلبة لهذا الجانب من الورشة أساتذة الفيزياء بالثانوية بالتعاون مع أساتذة قسم الفيزياء لضمان سيرورة الورشة بالمستوى المطلوب.

في نهاية الورشة يتم عرض النتائج على باحثين متخصصين من مركز البحث النووي الاوروبي CERN عن طريق محاضرة  على المباشر Videoconference حيث يقوم الباحثون بتجميع نتائج مختلف الجامعات المشاركة  و مناقشتها بالتفصيل مع الطلبة مع إعطائهم المجال لطرح الاسئلة، و يتم توضيح كيفية تقديم البيانات العلمية وأهمية الخطا الإحصائي، مع المناقشة النقدية الموضوعية  ومن ثم مناقشة الفيزياء الكامنة وراء البيانات المستمدة من التجارب .

 

تثمين نتائج التجربة وضرورة الاستمرار

تُعتبر كلية العلوم بجامعة المسيلة رائدة في هذا المجال منذ عام 2013 وحتى اليوم. كما نُظمت فعاليات مماثلة في جامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي وجامعة قسنطينة مؤخرًا، مع توقع التحاق جامعات جزائرية أخرى بهذا الركب. لم تقتصر المشاركة في البرنامج على طلبة الثانوية فقط، بل شملت أيضًا طلبة الجذع المشترك، وطلبة الليسانس والماستر نظرًا للقيمة التعليمية الثمينة التي تقدمها الورشات المختلفة، والتي تهدف أساسًا إلى التعريف بعلم الفيزياء وتطوير مهارات البحث العلمي و مهارات التواصل. تُعد هذه الفعاليات فرصة قيمة للتعلم والتفاعل العلمي والثقافي، وتساهم بلا شك في تطوير النظام التعليمي.

بشكل عام وأيا كانت طرق تنظيم  فعاليات الأبواب المفتوحة على الجامعة فهي  تمنح الطلبة والمهتمين فرصة حقيقية لإستكشاف الجامعة بشكل فعلي والتعرف على البيئة الدراسية عن كثب، مما قد يحدث فرقًا حقيقيًا في اختيارات الطلبة المستقبليين وقراراتهم النهائية بشأن إختيار التخصص الأكاديمي.

 

المراجع:
• International Masterclass hands on particle physics

https://physicsmasterclasses.org/

https://physicsmasterclasses.org/index.php?cat=country&page=dz

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Help us Enrich our Content

We are looking for valuable contributions from students and researchers